June 6, 2009

هي لا تموت



ماتت...
لن أبكي أكثر...
سأغيب قليلاً
لأحزن قدر ثلاث دمعاتٍ
ثم أعود
لن أبكي أكثر...

سأقوم الليل أنعاها إلى نفسي
و لن أبكي...
سأقوم الليل أحضن جثة خرساء أعشقها
أناديها، أناغيها
و لن أخرس...
و نحو القبر أشيعها
و عند الفجر أدفنها
و لن أبكي...

لأني إذا ما عدتُ للبيت
سأخلع ثوبي الأسود
لأنتظر...
ستقرع طفلتي بابي
و تقدم خجلةً نحوي
لتمسح الموت عن وجهي
سأنتظر...
ستأتيني عن الغد تحدّثني
و عن الأصحاب و الألعاب
و تشكو كسر دميتها...

سأبتسم ذاكراً وجه دفان
زرع قبراً بلا أموات
يا طفلتي أنتِ هنا...
أنتِ هنا...

سأخبركل من كان في المأتم
أن طفلتي هنا، لم ترحل
سأوزّع الحلوى و ابتسم
و لن أخجل
و لن أكترث إذا ما قالوا أن الحزن أعماني
فإني أراها حقا و تراني...

سنكون عاقلين في دنيا مجانين
سأنكر قبرها في أرض المجانين
و في حفل تخرجها
زهرة في بستان أيامي
سأصفق لها وحدي...

و لن أبكي، و لن أحزن...
إلا بعد أن يتمّ دفني
سأغرق بالدمع قبري
سأبكي كل آلام المساكين
لأني ما زلت مقتنعاً...
بأن طفلتي حية
و لأني أخاف وحدتها في هذه الدنيا...

أنا لست مجنون
طفلتي أصلاً لا تموت...


حسن زين الدين " إلى عينيّ ريم"
09/4

عيونٌ في الأصيل



عيونٌ في الأصيل
تزف الخبر
و بالدموع تفيض...
عيونٌ تنزفُ دماً
و قلبٌ لا دمَ فيه
عيونٌ ما عاشتْ بالكثير
فقط بضعُ سنين
من تبكي؟
والكلُ مع الريح إختفى...
عينٌ ما بقي لها سوى أخرى
فقط ولا معين...
الدموعُ تتكلم
و الفم جامدٌ جمودَ الحديد
تنطقُ وتقول
عدتُ بعد أيام
من سفر ليس ببعيد
عدتُ و ليتني ما رحتُ كي لا أجيء...
وجدتُ رخاماً لا غير
رخاماً لكل العائلة و كل حبيب
لا أحد ...
فوق الثرى
وجدت ُبحيرات دم
فوق الزهور في فناءنا القديم
في قلبي الصغير و
بضعةٌ من ذات النجيع...
رحلوا ...جميعاً...
و بقيتُ مع خمس من السنين
آه عمري...
و الآهةُ لا تبلسمُ الجراح
و لا تبني الحطام...
حطام منزلنا العتيق
حجارة على الأرض تستريح
و القنديل على حائط وحيد
يشهدُ الألم ويشهدُ مجازرَ التاريخ
أبى الموتَ و عزمَ إنارة الطريق
بنوره الشاحب
في عتمةِ الليل الطويل
فيزيدُنا أملاً
و يعيننا على المسير
رأيتهُ وحيداً...
كما رأيتني
في آخر مرآةٍ في قريتي
بقيتْ لتريني أنني ما زلتُ في وجود
لأمشي...كي لا أتوقف...
ليعرفَ الجميع
أنني من شعب عظيم
لا يخاف الموت
و لا يهابُ إسرائيل
صمت يلف الفراغ
قرطاس دُفن تحت الركام
أقلام تنزف حبرها و تلون الحجار
آمال سُرقت و صارت سراب
أحلام بعثرت فتقلصت الأيام...
و غربان تحوم فوق الحطام...
مدرستي اختفت و ماتت ذكريات
حروفي بُعثرت و أصبحت هباء
راح ما كتبته بمداد الفؤاد
و دفعت ثمنه أيام
أمي خلف البسمة سموم...
خلف الحب قلبٌ حقود
و خلف الحنان شر و هروب...
أمي زهورٌ تخفي قنابلٌ مميتة
دمىً تلهو بالنهاية القريبة
و حريرٌ يصنعُ الكفن الصغير...
إسرائيل...
لي عندك ثأر
و لآخذنه غداً
و غداً ليس ببعيد
بدمي سأخطُ كرامة كل جيل
بقلبي سأنعوك لمثواك الأخير
بدمعي هذا سأقهرُك و إن كنتَ من الأساطير...
غداً إسرائيل...
حسن محمد زين الدين
2006

يا قاتلي




فلسطيني...
و أسكن أرض أجدادي
أحرثها و أزرعها
و أدفن فيها أحبابي
فلسطيني...
و أسكن في خيمةٍ قرب داري
أراقبه و أندبه
و أدفن فيه أحلامي
فلسطيني...
و بعد الدفن...
تكون ثورتي

أرتدي كنزة صوفية سوداء
حاكتها أمي قبل دفنها
بسبعة أيام
تحت المطر أمضي
حاملاً حجراً و خمس رصاصات
لطّختها بدماء أطفالي
مع الرعود صرختي:
يا قاتل أطفالي تعال إليّ
يا حارق زيتونتي الخضراء تعال إليّ
يا سارق صورة جدي
يا قاتل أمي و أبي
يا قاتلي...
تعال إليّ
بدا من قاتلي عشرون وحشاً
أفرغت رصاصاتي الخمس و دمعي
فهوى إثنان، و هويت
أخرجت حجري و رميت
أصبت جبيناً أسود

تحت زيتونة صفراء ذابلة
أجبل التراب بدمي
و أبنيه قصراً فوق قبري:
يا قاتلي لا تشمتنّ بموتي
إني مضيت
لكن أدر وجهك
أخي خلفك
و دمي لطّخ في كفّه الرصاص
يا قاتلي لا تنسني
عند قتلك ستراني
ستبكي و تندبني
يا قاتلي جسدي في لأرضي
سكنت الأرض،
ما متّ...

يا قاتلي
أنا لا أموت في أرضي
أنا فلسطيني...
1/2009

May 1, 2009

وحدنا...جميعاً




أنا و العتمة
و غضب الرعد و البروق
و أنتم
وحدنا في الليل
لا قمر لا قنديل
ما في العيون بريق
وحدنا في الليل
و الذئب يعوي
ناثراً فوق القبور
دموع وزهور سود
وحدنا في الليل
طردنا النجم
والنجم اعتذر
رحل ملوحا"
لغابات من الأحلام والأمل
حرقت بعد ما رحل
وحدنا و كل وُلد آدم
وحدنا في الليل
وكم يطول الليل
في عالم مات فيه النجم و القمر
وغاب عن الشمس أين المشرق فغفت
قبل أن تشرق
وحدنا والملائكة والجن و السحرة
وحدنا في الليل
وما أقساه من ليل
نحن فيه عميٌ لا نرى
وحدنا... جميعاً
فمن ينزع الوحدة من القصيدة
و قد تاه الجميع
في بركة الوحدة
من يصرع الديجور
وقد اعتزلت الشمس و القمر
عن المصارعة
من؟ لست أدري
من؟ أصداء من الذاكرة تجيب
من؟ عرفت من
أنا كنت قبل آدم نسمة
و بقيت نسمة حتى يوم
ولدت نقمة
ولكن في زمن النسيم
سمعت عمّن سؤالي يجيب
سمعت عن إمام من ولد طه
و طه إن كنت جاهله صادق أمين
ما أحلاه من زهرة
ما أحلاه من بسمة
و ما أحلاه من مجيب
سمعت وقد أيقنت أن الأذن لا تصيب
لكن القلب آمن بخشوع و إنتظر
قالوا بعد أن يقلب الصباح مساء"
و يغتال النور في كل مكان
يشق الليل بسيف جدّه الكرّار
ويعود الصباح محملا" بالزهور
هذا هو الزمن
أقدم فقد متنا مرارا"
متنا في إنتظارك
أقدم فقد ماتت كل القلوب
أما ذابت قلوبكم أحبتي
بلسم جراحا" أعمق من السما
بلسم جراحا" ألهبها الزمن
أما شاقك الثأر
يا إبن ثائر كربلاء
أما شاقك جدك و زينب و الثاكلات
مولاي حدّق في هذي الوجوه
سقيمة بائسة ميتة
كشمعة تحارب رياح الشمال وحيدة
مولاي أقدم
فإن خانوا نصرنا
و إن خنا نصروا
إنا ننادي أيا مهدي أدركنا
فيا مهدي أتأنس فينا و قد متنا
ونحن ننادي أيا مهدي أدركنا
فيا مهدي بحق النور خلّصنا
من الديجور خلّصنا
و يا مهدي أدركنا
2007

April 30, 2009

دمع مريم




ملّت مريم صمت القبر
صاحت هل يا قبر تحكي؟
مريم فوق قبر أحمد
و هي تبكي
نادى الطفل من قبره
نادى أحمد يا أمي
يا أمي لا تبكي

خافت مريم
فرحت مريم
قالت و الدّمع يجري
وحيدي أنت
و وحيدة أنا أمسيت
العيد آتٍ يا أحمد
العيد آت
اخرج بدّل أكفانك
البس ألوان الورد
و الهُ يا طفلي
و الهُ مع أطفال الحي
تعال يا أحمد
اضحك و ابك
ارسم وردة
ارسم شجرة
ارسم بيتاً غير القبر
العيد آتٍ يا أحمد
و أخاف العيد من دونك
أخاف الشمس
أخاف الحلم
أخاف الزهر يا عمري
تعال إليّ،
ضمّني إليك،
قبّلني
أسكت أنيني يا ولدي
تعال يا أحمد...

صمت المكان
و الشّمس مالت نحو الغرب
هُزّ القبر و الصّوت من أعماق الأرض
بلّلني الدّمع يا أمي
بلّلني الدّمع
لا تبكي
فاللّحد لا يسع حزني
و اللّحد يخجل من دمعك
و اللّحد يضيق
قومي
قولي إنّ طفلي طير
عصفور سعيد
و إن أتى العيد يا أمي
فخذي من أطفال الحي أطفالاً
و جديني بهم
طفلاً يضحك
طفلاً يبكي،
جديني بهم
فإني لن أخرج يا أمي
قومي
العيد جميل من دوني أيضاً
فافرحي بالعيد ياأمي
لا تنتظريني

2008-10-11

April 26, 2009

أعلن الثورة



و آخر ما في الغربال...
رصاص...
من ثقوبه:
وقعَ الصّمت، تكسّر
أبينا الرّحيل
و عجز اللّسان عن " أهلاً"

قم أعلن الثورة
هذا الرصاص قد صدئ
و قد سئمنا الموت
يجيئنا و الشّمس
يظلم فينا الضّوء...

قم أعلن الثورة
أو قف في ساحة الإعدام
مغمض العينين
و انتظر...
قد حُفرت قبورنا
فاطمر قبرك
و مت في القدس...
في القدس طفلٌ
يركض في الحارات غاضباً
ثائراًً...
حالماً
يرمي حجراً
فيُرمى رصاص...
و كلّ النّساء في المقابر جلسن
يندبن أبناءً
غابوا تحت الثرى...
و يندبن أحلاماً
غابت تحت الثرى...
و يندبن آخر ما في الدنيا من خير
و يندبن الثرى

أعلن للدّنيا الثورة
اشتقنا الأقصى
و كنيسة القيامة
عند الحدود أبٌ...
ينظر خلف شريطٍ شائك
يرفع أصبعه منتصباً
يشير إلى دارٍ في القدس
فيه كلّ حكايا الأمس
يتأمل مفتاحاً مهترئاً
يعطيه لبكره مبتسماً
يقول:
هناك وُلدنا، هناك نموت...

أعلن ثورة نورٍ في اللّيل
قد حضن شيخ آخر طفل يتنفس
زرع فيه كلّ وصايا التّاريخ
و كبر آخر أطفال فلسطين...
أول رجلٍ في الأرض
أطلق صاروخاً و صرخة:
الأرض لن تكون إلا لأهلها...
سنعود غداً نحرث و نزرعها
نغرس أشلاءنا فيها لنحميها
سنعود غداً تحضننا و نحضنها
و ربّ القدس نحن أهلها

اكتب في التّاريخ ثورة حقٍ...
واحدة
لا تخف عدوّ الله
إن الله أكبر
لا تخف إسرائيل
طائراتها ورقية
أطفالنا يشدّون خيطانها
و دباباتها نمالٌ ضعيفة
خيول العُرب تسحقها
إسرائيل هواءٌ سام
نحن عواصف كانون
نحن في الكون النّور
نحن نار، نحن رعود

قم أعلن الثورة
آن لحمام القدس المجروح
أن ينتفض...
أو يموت...
7/2008